الصحة و الجمالمواضيع عامة

المناعة الذاتية: نعمة أم نقمة في زمن جائحة COVID-19

المناعة الذاتية: نعمة أم نقمة في زمن جائحة COVID-19

ذهب رجل أربعيني إثر إصابته بـ COVID-19 إلى مشفى Brigham and Women’s Hospital في بوسطن. فقام الأطباء بحقنه بهرمونات ستيرويد وأخرجوه بعد خمس أيام. ولكن الإصابة لم تُعالج تماماً وبقيت لمدة 154 يوم. قال دكتور الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة هارفرد الذي ساعد بعلاج الرجل د. جوناثان لي “أن هذا الرجل استثنائي فقد دخل مراراً خلال الخمس شهور بسبب تكرر إصابته بـ COVID-19 وإلتهاب الرئة. فتحت استثنائية هذا الرجل أفاقاً أخرى للنظر لهذا المرض والفيروسات المتطورة التي ظهرت في سلسلته مسببةً تفشياً متأججاً في ثلاثة قارات حول العالم.

دراسات جائحة COVID-19 في شهر نوفمبر

الإصابة التي تعرض لها هذا الرجل لم تُشفى على مدار 5 أشهر متواصلة وهذا ما حير الأطباء حتى أن الأعراض تفاقمت بعد العلاج الأولي. إذ أن هذا الرجل يتمتع بمناعة ذاتية مما تتطلب منه أخذ الأدوية لإزالة هذه المناعة. فلم يتمكن جسده مقاومة المرض ولا مقاومة جسده السليم. كان يتعافى مؤقتاً ثم يعاود المرض ظهوره. انتهى المطاف به في وحدة العناية المركزة ليوافي المنية بعد خمس شهور. أجرى د. لي و فريقه تجربة كاشفة لخفايا ما حدث ، حيث يقوموا باستخراج فايروس COVID-19 من جسد الرجل ومن ثم يرتبون مجموع التركيب الجيني لهذا الفايروس. عندما رأى د. لي التسلسل الجيني لهذا الفايروس، أدرك أنه يتعامل مع شيء مختلف كلياً وبالغ الأهمية. إذ أن الفايروس يتغير بشكل سريع مُختاراً عنقوداً مكون من 20 طفرة جينية بدلاً من طفرة واحدة كما هو متعاهد عليه. لم يرى الأطباء فايروس سارس المسبب لـ COVID-19 يتحول بهذه السرعة خلال كامل فترة الجائحة. بالعلاوة عن ذلك أظهرت التجارب المخبرية أن بعض هذه التحولات تساعد الفايروس في تجاوز الأجسام المضادة فلا يتم كشفها ومحاربتها.  فاكتشف د. لي أن الفايروس قادر على الهروب حتى من المضادات المكونة من خلية واحدة. قام د. بنشر نتائج أبحاثه هو وفريقه في مجلة New England Journal of Medicine  في نوفمبر 2020.

دراسات جائحة COVID-19 في شهر ديسمبر

اكتشف علماء في بريطانيا وجنوب أفريقيا بعد شهر سلالات جديدة من الفايروس مُسببة موجة هائلة لـ COVID-19 في هذه البلدان. وكانت المفاجأة عندما أكتشف الباحثون أن عناقيد الطفرات الجينية لهذه السلالات تتشارك العديد من سمات عنقود الطفرات الجينية للرجل الأربعيني في بوسطن مثلاُ طفرة (N501Y) المعروفة بمساعدتها للفايروس أن يلتف بقوة أكثر على الخلايا البشرية وطفرة (E484K) التي تساعده في الهرب من المضادات. وسرعان ما باشر العلماء والباحثون بنشر أبحاثهم عن حالات مماثلة للرجل الأربعيني. إذن وكما  يقول د. جيرمي لوبان من كلية الطب في جامعة Massachusetts فإن الفايروسات COVID لها شكلين: شكل صارم يصيب الناس ذوي المناعة الذاتية كما في حالة الرجل من بوسطن وشكل آخر لم تُكشف تطورات عناقيده الجينية بشكل تدريجي. من ثم باشر العلماء تقصي مدى التشابه والاختلاف بين النوعين الصارم والسريع. يسبب فايروس كورونا طويلة الأمد كداعم لفحص الطفرات الجيني. بينما يستطيعون تجربة كل التركيبات الجينية بداخل الجسد الواحد واكتشاف أيها الأفضل بتجاوز النظام المناعي وأيها الأفضل لجعل الفايروس أكثر قابلية لنقل العدوى. معظم هذه الأوصاف الفيروسية لا تنتشر خارج النطاق الزمني للمريض المصاب. ولكن مع تطور النظرية تصبح سلالة معينة محظوظة بنشر عدواها بين عدد كبير من الناس وتُطلق منحى جديد للجائحة. ربما يكون هذا التطور أخطر أو ربما يوعد بنهاية قريبة لهذه الجائحة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى