مواضيع عامة

ظاهرة الطلاق بين السوريين في الغرب

أصبح الطلاق بين السوريين ظاهرة منتشرة في المجتمع الشرقي والغربي ووصل لمراحل أرهقت الجهات الرسمية ولم يعد بالإمكان التدخل لوقف انتشاره. اذا قلنا أن من أسبابه في المجتمع الشرقي (انتشار الحروب وتفشي ظاهرة الفقر بأسوأ حالاته ربما نكون قد أصبنا التحليل) ، فما هو المبرر لانتشاره في دول تعيش حالات من الاستقرار المادي؟ حيث تم تسجيل عشرة حالات طلاق في حي سكني يقطنه أربعون عائلة من أصل سوري ولولا تدخل بعض الهيئات المجتمعية لكان الرقم ارتفع بشكل أكبر.

الطلاق:

“تمتلك المرأة عقلاً وروحاً وليس فقط قلباً ولديها طموحاً وموهبةً وليس فقط جمالاً؛ ويمتلك الرجل قلباً وروحاً وليس فقط عقلاً ومنطقاً.”

بهذه العبارة نلخص الفشل الذريع الذي وقعت به منظومة الزواج العربية. ينظر معظم الرجال العرب لجمال المرأة قبل موهبتها ويقدّرون عاطفتها سواء الجنسية أو العذرية قبل عقلها. فإذا صادف أحدهم امرأة قبيحة المنظر برأيه، أغفل عينيه عن رؤية مفاتن روحها وعقلها. فتشعر المرأة العربية أنها لوحة أو زهرة وتنسى أن لها عقلاً يجب أن يفوح قبل علب العطر الاصطناعية التي تضعها على ثيابها التي تغطي جسدها. فتنسى عقلها عارياً أمام التقاليد والأعراف الذكورية.

أما الرجل فيعمل جاهداً لتجميع ثروة كبيرة ليبدأ غايته العظمى /الزواج/. وكأنه يعمل ليتزوج. فينسى طموحه الخاص وعاطفته الإنسانية الخاصة. لينتهي به المطاف مع امرأة ربما لم تكن لتتواجد معه لولا ثروته ولو كانت بسيطة. حتى أن جين أوستن تحدثت عن هذه الحقيقة فقالت وهي تصف رجال القرن الثامن عشر في إنكلترا” لابد لرجل بثروة جيدة أن يحتاج زوجة”. وهذا ظلم مجحف بحق الرجل والمرأة.

باعتبار زواج السوريين جزء من هذه المنظومة الأم، فالزواج السوريّ يتم غالبه لنفس الاعتبارات: جمال ومال، علينا ان نسأل لماذا تزداد نسبة الطلاق بين السوريين في بلاد الغرب يجب ان نبدأ في الشرق أولاً.

فالمرأة لم تر نفسها من الداخل عندما كانت في بلدها الأم وعندما هاجرت مع زوجها أو إلى زوجها تستقبلها المنظمات الاجتماعية النسوية وحقوق المرأة بالأحضان لتعي أن لها حقاً وفكراً وجسداً أُغتصب من قبل رجل لا يحترم كيانها الفكري.

الحالة الأولى:

تقول فاطمة (مُطلقة منذ 5 سنوات وتبلغ من العمر 36 ولديها طفلتين):

“أصبحت أرى من أنا أما سابقاً كنت أرى من هو”.. “وعندما أحاوره وأقول أنا أريد.. أنا لست موافقة..  فلا يسمعني بل حتى يقول أحياناً بنبرة استخفاف “أي ، من أنتِ؟ أنتِ مرتي وبس”. سألتها “وما الذي تغير الآن؟” فقالت “وجدت نفسي، تمكنت من تعلم اللغة الأجنبية وأخذت إجازة في الآداب وسأصبح معلمة قريباً.”

وتتابع  فاطمة “لم أكن أشعر معه بالحياة التي رأيتها عند صديقاتي الأجانب فهم يمرحون ويخرجون لحضور السينما والحفلات ويعملون في الخارج وأزواجهم يحبونهم جداً ويحترمون مساحتهم الخاصة حتى أن إحداهم تحب الرسم كثيراً ففاجئها زوجها بتصميم مرسم خاص بها ووضع به كل أنواع النباتات التي تحبها بينما أنا عندما أخبرت زوجي السابق أنني أريد أن أتابع تعليمي وأعمل في مدرسة للأطفال فأنا أحب تدريس الأطفال كثيراً ، نظر إلي باستخفاف وقال “أنتي لا تجيدين الطبخ حتى تقومي بتعليم الأطفال” وبعد نقاش حاد قال “أنا لا أقبل أن تنخرطي في المجتمع الغربي أو أن أراك منشغلة عن البيت ، فقط ابقي في البيت مع أطفالنا وساعديهم في أداء واجباتهم”. “إن رجلاً مثله لا يرى طموحاتي ولا يسمع آرائي، ليس شريك حياة مناسب؛ إنه شريك جسد فقط.”

الحالة الثانية:

أما الرجل فيجد نفسه مُحاطاً بأجمل النساء بدون أن يكبد نفسه ويشقى لامتلاك ثروة مثلاً. فالمرأة الغربية تبحث عن رجل لتحبه ويحبها لا ليصرف عليها أو يطعمها. والحق يقال أن البعض قد يظن في هذا الكلام ظلماً للمرأة العربية ولكن الواقع العربي الفقير فرض الكثير من الظروف الصعبة. يقول عمار وهو شاب سوريّ أربعيني مُطلق: “وجدت نفسي أعمل بدوامين لإعالة أهلي ومن ثم عملت لأؤمن حاجيات زواجي وأواجه مصاريف الزواج المهلكة من مهر وعرس وأشياء أخرى. ولكن عندما سافرت أنا وزوجتي لألمانيا في بداية الأزمة السورية وجدت أن كل ما عملت لأجله في سورية، يمكنني الحصول عليه مجاناً. حتى أنني بدأت أحقد على زوجتي وأشعر أنها تنظر إلي كمصباح علي بابا. وفي المقابل تعرفت على فتاة ألمانية فاتنة الجمال تعاملني بكل احترام ومحبة بدون الحاجة لدفع أي شيء لها. حتى أن الرفاهية المنتشرة في هذا البلد تجعل الفقر شيئاً نادراً. لا تكاد تعمل ساعتين حتى تحصل على ما يعادل مرتب شهرين في سورية.

الحالة الثالثة:

فد يكون لحالات الثراء المادي انعكاس سلبي نفسي يؤدي للطلاق من خلال تأثير المادة على الوضع الاجتماعي الأسري ( في مقابلة مع السيد مصطفى الذي تجاوزت ثروته المليار دولار في أمريكا)  كشف أن زوجته لم تعد تهتم به كما كانا في سوريا. بل أصبح جل اهتمامها الموضة والخروج مع أصدقائها للبار والديسكو. لا يُعارض مصطفى أن تعيش زوجته قليل من المرح ولكن يعترض على فكرة عدد مرات ذهابها وتجاهلها لواجباتها الزوجية. لا يمكننا لوم هذه المرأة فهي تواجه صدمة ثقافية. فعندما كانت في سوريا كان جل وقتها لزوجها وأولادها أما الآن فالقانون يدعمها لتعيش كل ما تريده بأي مكان وزمان وزوجها يعيش كما يريد.

الحالة الرابعة:

بالمقابل حالات الفقر والضعف المادي لها منعكس سلبي على الحياة الزوجية مما يسبب تباعد بين الزوجين نتيجة ضعف المحبة والاحترام نتيجة عدم توفر الأدوات المادية كأحد أسباب المعيشة بالشكل الطبيعي. يقول رضوان وهو مغترب أربعينيّ منذ عشر سنوات: لم تكن الغربة قاسية على نفسي بقدر الفقر فقد كنت أجد زوجتي التي تعطيني راتبها كل شهر مثل كابوس يطاردني في زوايا البيت. لم أحتمل فكرة العيش في كنفها فليس هذا ما تربينا عليه. إن زوجتي رائعة ولكن شظف العيش جعلني أبغضها بلا سبب منطقي.

بالنتيجة: عندما نحدد الأسباب يمكن أن نصل الى ايجاد الحلول المناسبة

يمكننا أن نلخص الأسباب بمجموعة من المفردات: عدم وجود مصارحة بين الزوجين –  مشاكل جنسية – مشاكل صحية – زواج المصلحة – عصبية الزوج أو الزوجة- الغيرة – الفقر – عدم الاستقرار المادي والاجتماعي – الصدمة الثقافية.

النصائح:

قيام الزوجة باستغلال الأوقات بتعلم لغة ثانية – اتباع دورات تثقيفية – والمشاركة ضمن فعاليات اجتماعية تهتم بالشأن الإنساني والعائلي. يجب أن يشعر كلا الزوجين بالمسؤولية تجاه بعضهما البعض، وأن كل مشكلة قابلة للحل إذا تم الرغبة في الحل فعلاً. وقد أثبتت هذه المبادرات نجاحها بإدارة جمعيات نسوية سورية. فالمجتمعات الغربية لا تألف العادات العربية التي تربينا عليها وأثبتت نجاحها فالعائلة العربية أقوى وأمتن ولديها روابط أسرية أكثر من العائلة الغربية الهشة والخالية من روابط صلة الرحم.

وتكريس النظرة الإيجابية نحو الرجل والمرأة كشريكين يحتاجان بعضهما مهما تكاثفت قسوة الظروف المحيطة. لتكون الرغبة في الاستمرار بهذا الزواج هي الأساس. فلا الموضة ولا المال ولا الأصدقاء ولا الكحول أو المخدرات هي الحل؛ بل التفاهم: هل تريدها حقاً؟ هل تريدينه حقاً؟

عندما تكون الأسرة قوية يعني أن المجتمع قوي وأي خلل في أركان الأسرة سينعكس سلباً على قوام المجتمع ككل. بالحب والتفاهم يتحقق النجاح في أي أسرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى