في كتابه “كيفية تجنب كارثة مناخية” ، يرسم بل جيتس الطريق نحو الحل
يلعب بيل جيس في كتابه الجديد “كيفية تجنب كارثة مناخية” دوراً مشابهاً لطبيب موثوق به ، يقدم تشخيصاً و مساراً للعلاج لمريض يواجه مرضاً محتملاً . إنه يأمل أن نتمكن من التغلب على هذا المشكلة، لكنه لا يقدم أي وعود باستثناء أنها ستكون معركة حياتنا .
في هذه الحالة ، المريض ليس فرداً بل هو الحياة على الأرض . و المرض هو تعرض الكوكب لخطر الاحترار المستمر . أما العلاج فهو يعتمد علينا ، حيث يتوجب علينا تخفيض انبعاثات غازات التدفئة المنزلية من 51 مليار طن سنوياً إلى صفر .
قال جيتس في مقابلة أجريت معه مؤخراً مع موقع أخبار GeekWire : “سيكون الأمر أصعب من أي شيء فعلته البشرية على الإطلاق . من خلال الاستمرار في العمل على هذا الأمر على مدار الثلاثين عاماً القادمة ، سنحصل على فرصة للقيام بذلك” .
صرح بيل جيتس أن وجود بعض الأشخاص الذين يعتقدون أن الأمر ليس مهماً سيكون عقبة حقيقية . و يضيف قائلاً : “وأنت تعلم أن الابتكار لا يمكن التنبؤ به لدرجة أنه يتعين علينا اتباع العديد من المسارات …. بحيث تكون فرصتنا في النجاح في كل مناطق الانبعاث عالية جداً” .
من التكنولوجيا إلى الصحة إلى تغير المناخ
يخبرنا تاريخ “بيل جيتس” كمؤلف الكثير عن أولويات العالم بقدر ما يتحدث عن مراحل حياته الخاصة . وصف بيل جيتس في كتابه الأول “الطريق إلى الأمام” الذي صدر في عام 1995 ، تأثير أجهزة الكمبيوتر الشخصية و التكنولوجيا الرقمية على حياتنا . صدر كتابه الثاني “سرعة الفكر : استخدام نظام عصبي رقمي” في عام 1999 .
يأتي إصدار كتابه الثالث بعنوان “كيفية تجنب كارثة مناخية” يوم الثلاثاء . بعد عام ظهر فيه كمدافع صريح عن العلم و العدالة العالمية في الاستجابة لجائحة فيروس كورونا . كما أنه يأتي وسط تدقيق كبير على الأثرياء للغاية ، كرموز عدم المساواة في العالم . حيث تستمر نظريات المؤامرة المحيطة ببيل جيتس نفسه في الظهور ، على الرغم من فضحها مراراً و تكراراً .
يبذل الملياردير في كتابه الجديد جهداً كبيراً للتعامل مع أزمة المناخ بتواضع ، معترفاً بانبعاثات الكربون الخاصة به . كما وصف جهوده للتخفيف من هذا الضرر ، بما في ذلك دفع ثمن وقود الطائرات و شراء تعويضات من شركة تلتقط الكربون من الهواء و تتخلص منه . مقدماً أفضل ما عنده في كيفية تجنب كارثة مناخية قادمة .
العالم لا ينقصه رجال أثرياء لديهم أفكار عظيمة حول ما يجب على الآخرين فعله , أو الذين يعتقدون أن التكنولوجيا يمكنها حل أي مشكلة
كتب جيتس : “إنني أدرك أنني مراسل غير مثالي بشأن تغير المناخ” . يضيف أيضاً : “العالم لا ينقصه بالضبط الرجال الأغنياء الذين لديهم أفكار عظيمة حول ما يجب أن يفعله الآخرون ، أو الذين يعتقدون أن التكنولوجيا يمكنها حل أي مشكلة” .
يمثل تعمق جيتس في قضايا المناخ فصلاً طموحاً في حياته . قام المؤسس المشارك ل Microsoft ببناء شركة مرادفة للحوسبة ، والتي لا تزال واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم . منحت مؤسسة “بيل و ميليندا جيتس” ، أكبر مؤسسة خيرية خاصة في العالم أكثر من 54 مليار دولار . مع التركيز على الصحة و التعليم العالميين . كان جيتس رائداً في تشجيع الأثرياء على التخلي عن غالبية ثروتهم خلال حياتهم .
لقد أوضح في المقابلة أن تركيزه لا يزال منصب على الصحة العالمية ، لكن يستثمر أيضاً المزيد من الوقت و المال في تغير المناخ .
التكنولوجيا وحدها لا تكفي
على مدار اثني عشر فصلاً ، يشرح جيتس في كتابه الجديد أساسيات الاحتباس الحراري . كما يصف الفئات الخمس الرئيسية للانبعاثات و كيف يمكن تقليلها ، محدداً دور الأنظمة للحد من الكربون . يغطي أيضاً طرق التكيف مع عالم أكثر دفئاً و يعطي خطة شاملة لخفض الانبعاثات . ينهي كتابه بالخطوات التي يمكن للأفراد اتخاذها لتجنب كارثة مناخية مؤكدة .
وقال في المقابلة : “لا يمكننا إحراز التقدم الذي نحتاجه في المناخ بدون إجراء نقاشات واسعة في معظم الأسر في البلاد . لذلك عليك إشراك الكثير من الأشخاص الآخرين” .
كما هو متوقع ، فإن كتاب المناخ مليء بالبيانات . و تم تقديم الأرقام في سياق مفهوم لمساعدة القراء على فهم التأثيرات النسبية لمختلف مصادر غازات الاحتباس الحراري و إمكانية السيطرة عليها .
كتب جيتس عن وجهة نظره الجديدة : “عندما يتعلق الأمر بالمهام الضخمة ، سواء كانت بناء نظام وطني للطرق السريعة أو تطعيم أطفال العالم أو إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي ، نحن بحاجة إلى أن تلعب الحكومة دوراً كبيراً في خلق الحوافز الصحيحة و التأكد من أن النظام العام سيعمل من أجل الجميع” .
يؤكد جيتس أيضاً على تكثيف نشر التقنيات النظيفة الموجودة حالياً . كطاقة الرياح و الطاقة الشمسية و المركبات الكهربائية و مضخات الحرارة في أسرع وقت ممكن بدلاً من انتظار حلول جديدة .
أطلق في عام 2015 “Breakthrough Energy Ventures” ، وهو صندوق رأس مال بقيمة مليار دولار لدعم الشركات الناشئة في مجال خفض الكربون .
تطورت هذه المبادرة التي جمعت مؤخراً مليار دولار أخرى إلى Breakthrough Energy ، وهي منظمة شاملة تغطي 6 برامج . بما في ذلك الضغط من أجل سياسات التكنولوجيا النظيفة ، و تمويل الباحثين و توليد البيانات لدعم اتخاذ قرارات الطاقة النظيفة .
الأسلحة النووية من الجيل التالي و اللحوم النباتية
بعيداً عن شركة Breakthrough Energy ، سعى بيل جيتس إلى إيجاد حلول مناخية في المجالات التي ربما يكون الآخرون قد تجاوزوها ، لكونها استثمارات مثيرة للجدل أو أكثر خطورة . إنه مؤسس TerraPower ، وهي شركة في واشنطن تعمل على تطوير الجيل القادم من المفاعلات النووية و قدرات تخزين الطاقة . دعمت هذه الشركة شركة Impossible Foods ، وهي شركة ناشئة تصنع لحوم نباتية . و تدعم البرامج التي ستساعد البلدان المنخفضة الدخل على التكيف مع تغير المناخ .
يقدم جيتس بعض كلمات الأمل في الفصل الأخير من كتابه . حيث كتب : “أنا متفائل بأننا سنحقق تقدماً حقيقياً بشأن تغير المناخ ، لأن العالم ملتزم بحل هذه المشكلة أكثر من أي وقت مضى . على الرغم من أن الوباء قد دمر الاقتصاد العالمي ، إلا أن دعم العمل بشأن تغير المناخ قوي تماماً كما كان في عام 2019” .